قال مختصون نفطيون إن شركات نفط عالمية عملاقة، أصبحت تسعى للحصول على أسعار منخفضة من شركات الخدمات البترولية، سواء التي تقدم خدمات الاستكشافات، أو الإنتاج وتأجير منصات الحفر وخدمات البيع والتسويق، وذلك بعد انخفاض أسعار الخام إلى دون 50 دولارا للبرميل وفي ظل وفرة المعروض في الأسواق العالمية.
وأوضح رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية النفطية الدكتور راشد أبانمي، أن شركات النفط العالمية الكبرى، التي من بينها أرامكو السعودية سعت طوال الفترة الماضية للحصول على أسعار تنافسية من قبل شركات الخدمات البترولية، في ظل تقلص الاستثمارات العالمية في قطاع النفط بسبب انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية، وعدم رغبة كثير من الشركات العالمية التوسع في عمليات الاستكشاف أو الإنتاج أو الحفر لحين أن تتضح الرؤية فيما يتعلق بمستقبل أسعار النفط خلال المرحلة المقبلة.
وأضاف أبانمي أن شركات النفط ولحين عودة الأسعار لمستويات مرتفعة، تجتهد للحصول على أسعار تفضيلية من الشركات التي تقدم الخدمات البترولية المساندة، التي من بينها تأجير منصات الحفر وغيرها من الخدمات الأخرى المتعلقة بقطاع النفط.
وأشار أبانمي إلى أن التراجع في الاستثمارات النفطية سيؤدي حتما إلى تقليص شركات النفط عدد منصات الحفر وعدم التوسع فيها إلا في حال حصلت على أسعار تنافسية من الشركات، التي تقوم بتأجير هذه المنصات.
وأكد أبانمي أن أرامكو شركة كبيرة لديها سياسة في اختيار شركات الخدمات البترولية والاستفادة من الظروف المواتية للحصول على أسعار جيدة من هذه الشركات، مشيرا إلى أن تأجير المنصات تقدمها شركات عالمية لديها استثمارات كبيرة في جميع أنحاء العالم ولديها عقود طويلة مع شركات النفط العالمية، ولكن في ظل عدم وجود طلبات على تأجير المنصات، فإن تكاليف تأجيرها عادة ما تكون منخفضة.
وقال أبانمي إن سعر البرميل في الستينيات وصل إلى ستة دولارات، وعندها تقلصت الاستثمارات في قطاع النفط بشكل واضح وتأثر نشاط شركات تقديم الخدمات، ولكن بعد تحسن الاقتصاد العالمي وزيادة الطلب على النفط عادت الأسعار للارتفاع بوتيرة سريعة جدا، وعندها لا يمكن لشركات النفط أن تضخ استثمارات بصورة سريعة تواكب زيادة الطلب والأسعار التي بدأت في الارتفاع.
ولفت أبانمي إلى أن شركات النفط استوعبت هذا الدرس جيدا في الوقت الراهن بعد انخفاض أسعار النفط دون 50 دولارا للبرميل وتقلص معه حجم الاستثمارات في قطاع النفط، ومن بينها أعمال الحفر، وفي ظل توقعات بعودة الأسعار لمستويات سابقة خلال السنوات المقبلة، فإن شركات النفط تستعد لذلك من خلال الحصول على أسعار تنافسية من الشركات التي تقدم الخدمات البترولية، خاصة أن شركات النفط تدرك أن انخفاض أسعار النفط سيستمر لسنوات، لذا فإنها تسعى للحصول على أسعار منخفضة من الشركات التي تقدم الخدمات المساندة.
وعاد أبانمي ليؤكد أنه خلال الفترة السابقة قبل انخفاض أسعار النفط دون 100 دولار للبرميل، كانت شركات النفط تنتظر ما يقارب ستة أشهر لحين حصول الموافقة من شركات الخدمات البترولية للاستفادة من خدماتها، حيث كان هناك طلب متزايد على هذه الخدمات من قبل شركات النفط العالمية، بالتالي كانت شركات النفط تواجه ضغوطا كبيرة لجدولة أعمالها حتى لا تؤجل أعمالها طوال مدة الستة أشهر، وذلك نتيجة الطلب المتزايد.
وذكر أبانمي أنه الآن بعد انخفاض أسعار النفط، فإن هذه الشركات غير راغبة في الأساس في زيادة إنتاجها أو التوسع في أعمال الاستكشافات والإنتاج والحفر، وهذا الأمر أثر في شركات الخدمات البترولية، التي لم تجد خيارا إلا من خلال تقديم خدماتها وبأسعار منخفضة، ولعل من بين تلك الخدمات تأجير منصات الحفر، خاصة أن شركات النفط ليس في حاجة إلى مسابقة الزمن لزيادة أعمالها الإنتاجية طالما أن هناك وفرة في المعروض يقابله انخفاض في الأسعار.