قال  بنك الكويت الوطني في تقريره الصادر امس يستمر السوق في التسعير دون توقع قيام المجلس الفدرالي بالتقييد، وتبعه في ذلك الرسم البياني الإحصائي. ومع بقاء البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان والبنك المركزي الصيني في وضعية توسع نقدي، وسيستمرون على الأرجح في المسار ذاته في 2016، فإن التباين في أسعار الفائدة بين أميركا وأكبر خمسة اقتصادات ناشئة يستمر في الازدياد.
ومن المرجح أن يستمر وجود المخاطر الخارجية، رغم جو التقلبات المنخفضة الذي أحدثته البنوك المركزية، في إبقاء الضغط لرفع قيمة الدولار الأميركي.
وكانت نبرة رئيسة المجلس الفدرالي جانيت يلن، حمائمية في خطاب لها هذا الأسبوع، حيث ذكرت جو التضخم الغامض في أميركا.  ومع ارتفاع مؤشر سعر المستهلك في أميركا مقارنة بأكبر خمسة اقتصادات ناشئة، لا زالت يلن غير مقتنعة بشأن ثبات الارتفاع الأخير للتضخم.
وداخليا، تبقى بيانات التوظيف الأميركية في الربع الأول قوية، ويبقى الإسكان، رغم تقلبه، في حالة توسع.  وكان العبء الاقتصادي الرئيس والمخاوف في الربع الأول هي على خلفية قطاع التصنيع والصناعة، وقد نتج عن مستويات المخزونات المرتفعة وانخفاض طلبات المصانع.
المرونة النقدية
ويستمر الطلب الخارجي الضعيف، بسبب قوة الدولار وانخفاض النمو العالمي، بتشكيل عبء على الاقتصاد، وسيستمر على الأرجح في ذلك، حتى مع قيام قطاع الخدمات بمعظم الجهد للتعويض عن الضعف في قطاع التصنيع.
وخارجيا، ساعد ضعف الدولار الصين على تجنب الضغط المفرط من السوق على صعيد العملة، وتجنب الهبوط الحاد، ووفّر المزيد من المرونة النقدية.  وقد ساعد ضعف الدولار أيضا دورة الائتمان العالمية، وقلل من تأكل احتياط الأسواق الناشئة، ودعم أسعار السلع في الربع الأول من 2016.
وبعد أن رأت فوائد انخفاض الدولار في المدى القصير، قدمت يلن تذكيرا حازما بأن المجلس الفدرالي لن يقوم بالمزيد من التقييد، وفي نفس الوقت حاولت أن تهدئ السوق بشأن احتمال أن يتحرك المجلس في أبريل ويونيو، كما علّق أحد المتحدثين السابقين في المجلس.
ومنذ بداية السنة، خسر الدولار  4.2 %من قيمته، وحوالي  5 %منذ أن رفع مجلس الاحتياط الفدرالي أسعار الفائدة في ديسمبر 2015.  وتاريخيا، انخفض الدولار بمعدل   5.6 % خلال الدورات الأخيرة الثلاث، أي بعد ستة أشهر من أول رفع لأسعار الفائدة.
ويبدو أن المجلس الفدرالي يتوقع مخاطر عالمية أكبر بكثير مما شهدناه في الشهر الماضي.  وإذا بقيت الصين مستقرة، سيكون على المجلس الفدرالي أن يعمل على رفع سعر الفائدة مجددا.  أما الآن، فمن الأرجح أن يستمر المجلس بمحاولة تأجيل أي رفع لأسعار الفائدة حتى يتضح الوضع في آسيا والأسواق الناشئة بالنسبة للمستثمرين.  ولكن تبقى المبادئ الأساسية لأميركا قوية، ولكن الدولار الحيادي أو الضعيف يستمر بمساعدة كافة اللاعبين العالميين.
ومن ناحية الصرف الأجنبي، ارتفع اليورو خلال الأسبوع، وبدأ الإثنين عند مستوى 1.1163 ليبلغ أعلى مستوى له عند 1.1438، وينهي الأسبوع عند 1.1391.
يلن الحمائمية
كررت جانيت يلن توقع مجلس الاحتياط الفدرالي هذا الأسبوع في خطاب لها في النادي الاقتصادي لمدينة نيويورك، وشددت على المخاطر التي يشكلها التباطؤ الاقتصادي العالمي لأميركا.  وكررت يلن الحاجة «للمضي بحذر» في رفع أسعار الفائدة، بسبب النمو الخارجي الأضعف من المتوقع وأفق التضخم المحلي الغائم.
وكان التركيز الأساس على تعليقها بأن اللجنة ستمضي بحذر في تعديل السياسة.  وشددت يلن أيضا على أن أفق التضخم الأميركي قد أصبح «نوعا ما أكثر غموضا» وأن القراءات الأخيرة بشأن الاقتصاد الأميركي هي «نوعا ما متضاربة».  وذهبت إلى حد القول بأن للجنة «حيز كبير» لتسهيل السياسة إذا دعت الحاجة وأن لدى المجلس الفدرالي أدوات في تصرفه يمكن استخدامها لتعزيز الانتعاش من الركود الكبير بشكل فعال وسيستخدمها مجددا في حال دعت الحاجة.  وتم أيضا ذكر الصين والتقلب في أسعار النفط عدة مرات كمخاطر لمستقبل أميركا.
المجلس الفيدرالي
قال تشارلز إيفانز، رئيس مجلس احتياط شيكاغو، إنه يتوقع أن يكون الاقتصاد الأميركي قويا بما يكفي لتبرير رفع أسعار الفائدة مرتين هذه السنة.  وبدا إيفانز أكثر حذرا قليلا بخصوص آرائه حول التضخم قائلا بالتحديد إنه كان «غير مرتاح قليلا» بشأن بلوغ النسبة المستهدفة البالغة 2 %.  وقال أيضا إنه «من المبكر قليلا القول ما إذا كانت القراءات القوية الأخيرة لبيانات التضخم ستدوم أو أنه سيتبين أنها تقلب مؤقت وستنقلب في الأشهر القادمة»، في حين أشار أيضا إلى أنه من المهم للمجلس الفدرالي أن يأخذ التراجع الأخير في توقعات التضخم، كما رأتها الأسواق، على محمل الجد.
قطاع الإسكان
ارتفعت أسعار المساكن الأميركية في 20 مدينة رئيسة بنسبة  5.7 % في يناير مقارنة بسنة مضت، وذلك بحسب تقرير ستاندرد أند بورز على أساس بيانات كارل كايس وروبرت شيللر، لتتطابق بذلك مع التوقعات البالغة نسبتها  5.7 %  وارتفعت الأسعار بنسبة  0.8 %ما بين ديسمبر ويناير، أي أعلى قليلا من التوقعات البالغة نسبتها   0.7%  ويبقى قطاع الإسكان قويا رغم رفع المجلس الفدرالي لأسعار الفائدة في ديسمبر
أوروبا والمملكة المتحدة
منذ إطلاق برنامج البنك المركزي الأوروبي للتسهيل الكمي في 2015، ارتفع اليورو بنسبة 2 % تقريبا.  ويبقى التضخم في منطقة اليورو مصدرا رئيسا للقلق اليوم.  وحتى مع الشراءات الشهرية البالغة قيمتها 80 بليون يورو، ودفع أسعار الفائدة على الودائع في البنك المركزي الأوروبي أكثر في النطاق السلبي، يبقى اليورو قويا والنمو ضعيفا.  وقد تراجعت توقعات التضخم لخمس سنوات في أوروبا بشكل كبير لتصل إلى  1.40% فيما تبلغ النسبة المستهدفة من البنك المركزي الأوروبي  2%.
وبالإضافة إلى جو التضخم المنخفض الثابت، تأتي مخاطر أوروبية إضافية في 2016.  وكما على الصعيد السياسي مع الهجمات الإرهابية الأخيرة ومشاكل اللاجئين، كانت المخاطر المالية في منطقة اليورو محور التركيز الرئيس للسوق في الربع الأول من السنة.  وعالج البنك المركزي الأوروبي هذه المشكلة بفضل الكمية الكبيرة من المال التي تم ضخها من خلال الإعلان عن أربع سنوات جديدة من عمليات إعادة التمويل المستهدفة الطويلة المدى.
ومن ناحية البيانات، بقي مؤشر المفاجأة في البيانات الاقتصادية الأوروبية في النطاق السلبي، ما سيبقي على الأرجح البنك المركزي الأوروبي مستعدا للتدخل سواء كان ذلك لفظيا أو عن طريق دفع أسعار الفائدة أكثر في النطاق السلبي.