بقدر ما خلف الانخفاض الدراماتيكي في أسعار النفط العام الماضي من تحديات وصعوبات تواجه الاقتصاد والمؤسسات الكويتية فإنه كشف في الوقت ذاته عن جهود كبيرة بذلتها مؤسسات وجهات حكومية كويتية في فترة الوفرة لمواجهة المخاطر التي تفرزها أيام الندرة.
ولم تذهب جهود المؤسسات والجهات الحكومية التي عملت طوال فترة ارتفاع أسعار النفط على إعداد الدراسات والتوقعات والمخاطر المحتملة وآليات درء هذه المخاطر سدى بل ظهرت جلية في أسطر التقارير الدولية الصادرة عن أهم مراكز الدراسات العالمية في موازاة اعتماد أصحاب القرار في الكويت على هذه الدراسات لدى اتخاذ قراراتهم.
وتوالت الإشادات الدولية بالمؤسسات الكويتية إثر جهودها الكبيرة في درء المخاطر من خلال تقارير متخصصة ويتصدرها بنك الكويت المركزي الذي حظي بإشادات الأطراف الدولية كافة تقريبا سواء البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي أو وكالات التصنيف الائتماني الدولية حيث أجمعت كلها على الجهود المميزة والاستباقية للبنك المركزي وتمايزت بين إشادة وثناء وبعضها الآخر وصف سياسات البنك بالحصيفة.
وفي السياق أعدت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) تقريرا خاصا عن آراء هذه الجهات الدولية ببنك الكويت المركزي والإشادات والثناء الذي ناله على جهوده المستمرة منذ سنوات في حفظ الاستقرار المالي للبلاد فضلا عن استقرار السياسة النقدية للكويت عموما واستقرار سعر صرف الدينار الكويتي على وجه الخصوص الذي يعتبر العملة الأغلى في العالم (يساوي 3ر3 دولار أمريكي).
فقد أوردت وكالة (ستاندرد.آند.بورز) للتصنيف الائتماني في تقريرها الصادر 16 مارس الجاري بشأن تصنيف القطاع المصرفي الكويتي أن “تصنيفاتها تعكس قناعاتها بزيادة المخاطر الاقتصادية التي تواجه المصارف لكن التحسن في المخاطر المصرفية جاء نتيجة فرض تعليمات أكثر حصافة من قبل الجهات الرقابية التي ساهمت في تخفيف التحديات الاقتصادية التي تواجه البنوك الكويتية».
ولفتت الوكالة إلى وجود بعض التطورات الإيجابية على الصعيد التنظيمي في الأعوام القليلة الماضية حيث عمدت الجهات الكويتية المعنية إلى تحسين الأطر التنظيمية والرقابية للبنوك المحلية وشركات الاستثمار.
تحمل الصدمات
وقالت (ستاندرز.آند.بورز) إن «هذه التدابير وفرت حماية إضافية للبنوك وعززت قدراتها على تحمل الصدمات لدى حدوث أي تباطؤ محتمل نتيجة تراجع أسعار النفط».
وقامت الوكالة بتخفيض تصنيف عشرات البنوك العاملة في المنطقة في حين ثبتت تصنيف البنوك الكويتية رغم تراجع أسعار النفط ومرورها بنفس المخاطر التي تعانيها تلك البنوك في باقي دول المنطقة.
من جانبها قالت وكالة (موديز) العالمية للتصنيف الائتماني في تقريرها الصادر في الثالث من مارس الجاري إن “مخاطر القطاع المصرفي الكويتي على الميزانية العامة للدولة منخفضة جدا كما أن القطاع المالي الكويتي قام بتقليص حجم ديونها منذ تعرضه لآثار الازمة المالية العالمية عام 2008».
وأضافت موديز أن البنوك الكويتية “مراقبة بشكل جيد من قبل بنك الكويت المركزي ولدى الكويت درجة عالية نسبيا من المصداقية في السياسة النقدية حيث تراجعت مستويات التضخم بعد وصولها الذروة عام 2008 “علاوة على أن نظام سعر الصرف في دولة الكويت اكثر مرونة مقارنة بأقرانها في دول مجلس التعاون الخليجي.
من ناحيتها لم تخرج وكالة (فيتش) للتصنيف الائتماني عن رأي نظيراتها من وكالات التصنيف الائتماني وذلك في تقريرها الصادر في الثامن من ديسمبر الماضي حيث قالت إن “السياسات الرقابية الحصيفة والصارمة التي يطبقها بنك الكويت المركزي ساهمت في تحسين جودة الرسملة والسيولة والربحية لدى القطاع المصرفي الكويتي».
رقابة محكمة
وتبقى الإشارة الأبلغ والأهم تلك الصادرة عن المؤسسة الدولية المعنية بالسياسات النقدية للدول وميزانياتها أي صندوق النقد الدولي الذي اعتبر في تقريره للمراجعة الدورية للاقتصاد الكويتي الصادر في الثاني من ديسمبر الماضي أن «القطاع المصرفي الكويتي يخضع لرقابة محكمة في حين أظهر هذا القطاع مرونة على تحمل صدمة انخفاض أسعار النفط».
الصندوق وفي التقرير ذاته أفاد بأن نسبة القروض غير المنتظمة في الجهاز المصرفي الكويتي بلغت 8ر2 في المئة من إجمالي محفظة القروض وبلغت نسبة تغطية المخصصات للقروض غير المنتظمة في البنوك الكويتية 172 في المئة على أساس مجمع.
وأشار إلى تراجع درجة انكشاف القطاع المصرفي على شركات الاستثمار إلى 8ر2 في المئة من إجمالي الإقراض المصرفي. ولم تكن إنجازات بنك الكويت المركزي الكويتية خافية على الصعيد العربي حيث قام المؤتمر المصرفي العربي السنوي بتكريم محافظ البنك الدكتور محمد يوسف الهاشل ومنحه جائزتين في العاشر من أكتوبر الماضي الأولى هي جائزة (الرؤية القيادية) والثانية جائزة (محافظ البنك المركزي لعام 2015).
ويعتبر بنك الكويت المركزي إحدى الجهات السباقة في منطقة الخليج في تنفيذ متطلبات (بازل 3) ومواكبة معايير الرقابة المصرفية الدولية فضلا عن تدابير واجراءات أخرى منها الطلب بشكل استباقي من البنوك الكويتية زيادة مستويات تغطية خسائر القروض رغم التراجع الذي شهدته تلك البنوك في مستويات القروض المتعثرة لديها.
وكانت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد وردا على سؤال ل(كونا) خلال زيارتها إلى الكويت في 13 نوفمبر الماضي لحضور مؤتمر التمويل الإسلامي الذي نظمه (المركزي) بشأن تقييمها لأداء بنك الكويت المركزي قد أفادت بأن التقييم (تربل أيه) أي أعلى تصنيف ائتماني يمكن أن تمنحه وكالة تصنيف لاقتصاد أي دولة في إشارة واضحة إلى الأداء المتميز لبنك الكويت المركزي.