كشفت دراسة جديدة من مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب أن قطاع البنوك في الخليج حقق نمواً في العام 2015 بمعدل أكثر انخفاضاً مما حققه في 2014، حيث بلغت نسبة النمو 7.2% فقط جاء معظمها تقريباً من فئات العملاء الرئيسية مثل الخدمات المصرفية للأفراد وللشركات. وتعتبر الدراسة الجديدة التي تعتمد على النتائج السنوية للعام 2015، التي كشفت عنها البنوك في الربع الأول من العام 2016، جزءاً من مؤشرات مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب السنوية لأداء البنوك والتي تراقب تطور إيرادات البنوك (إيرادات الأعمال التشغيلية) وأرباح البنوك الكبرى والرائدة في منطقة الخليج. وكانت مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب قد أطلقت أول إصدار لمؤشر أداء البنوك في الخليج في أبريل 2009، ليصبح مؤشراً متخصصاً لدراسة أسواق البنوك والتمويل على المستوى الإقليمي. وهو يعتمد على إيرادات وأرباح العام 2005 كنقطة انطلاق رئيسية في دراساته. ويغطي المؤشر أكبر البنوك في كل من البحرين، والكويت، وقطر، وسلطنة عُمان، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتّحدة. وأضاف الدكتور ليختفوس بقوله: «يتضمن مؤشر مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب 2015 45 بنكاً من كافة أرجاء منطقة الخليج، ويغطي حوالي 80% من إجمالي قطاع البنوك الإقليمي». سلطنة عمان حلّت بنوك سلطنة عُمان في مركز الريادة في العام 2015 بتسجيلها نمواً بمعدل 9.6% في الإيرادات و10.5% في الأرباح. وفي السياق نفسه، حققت البنوك في دولة الإمارات العربية المتحدة نمواً في إيراداتها بواقع 8.1%، في حين بلغ معدل نمو أرباح بنوك الكويت ما نسبته 11.4%. وكان انتشار معدلات نمو الإيرادات والأرباح أقل بشكل واضح بين دول منطقة الخليج المختلفة مقارنة مع العام الماضي، حيث تراوحت ما بين 4% إلى 11%. ولم تُسجَّل أي معدلات نمو سلبية على مستوى الدول. وبدلاً من ذلك، شهد نمو مخصصات خسائر القروض تبايناً واضحاً بين جميع الدول، ما أدى بالمجمل إلى تسجيل معدل نمو طفيف بلغ 0.6%. واختتمت أكبر دولتان في المنطقة، الإمارات العربية المتّحدة والمملكة العربية السعودية، أعمال العام 2015 بزيادة ضئيلة بمعدل 2% و4.8% على التوالي، في حين سجلت البحرين نمواً بمعدل 39%، وسلطنة عُمان 21%، في مخصصات خسائر القروض. قطر والكويت وبالمقابل، سجّلت قطر والكويت تراجعاً قوياً في هذا الإطار أيضاً. وفي العام 2014، شهدت مخصصات خسائر القروض تراجعاً في جميع دول الخليج تقريباً. ولكن بالتطلّع، نتوقع حالة من النمو البسيط الذي يعزى إلى التوجهات الراهنة للتطور الاقتصادي. وتظهر أولى علامات هذا النمو المتوقع في أن أغلب البنوك في الإمارات وضعت مخصصات أكبر في العام 2015 مقارنة بالعام الذي سبقه. وبعد نمو في النفقات التشغيلية استمر لسنوات عديدة وتجاوز معدلات الإيرادات، اختتم العام 2015 بنمو إجمالي في النفقات نسبته 6%، وسجلت قطر والكويت معدلاً قارب الصفر في المئة، في حين سجلت البحرين نمواً سلبياً في النفقات معدله 1% فقط. وعملت بعض البنوك على استباق حالة انخفاض أسعار النفط والقيود على النفقات والاستثمارات. وتمكنت بعض البنوك الكبرى، إضافة إلى البنوك التي زادت من النفقات بشكل كبير في السابق، من تحقيق نمو منخفض بل وسلبي في حالات عدة. نمو قوي لإيرادات الخدمات المصرفية للأفراد بمعدل 8.1% في حين تراجعت أرباحها بنسبة 1.8% حققت إيرادات الخدمات المصرفية للأفراد في دول الخليج نمواً بنسبة 8.1% للعام 2015، ويعزى ذلك بشكل كبير إلى زيادة هذه الإيرادات في قطر (16%)، وسلطنة عُمان (11%)، والإمارات (10%). أما أرباح الخدمات المصرفية للأفراد في دول الخليج فقد واجهت تراجعاً بالمستوى الإجمالي تعود إسبابه بحد كبير إلى النمو السلبي في الإمارات. أما معدلات النمو في جميع الدول الأخرى فكانت معتدلة: في الواقع، بنوك قطر هي الوحيدة التي تمكنت من تحقيق معدل نمو مضاعف بنسبة 13%. تراجع طفيف تمكنت سلطنة عُمان من ريادة معدلات النمو في إيرادات وأرباح الخدمات المصرفية للشركات على حد سواء في العام 2015 بتسجيلها نمواً مضاعفاً. أما في الإمارات، فقد كان هناك تراجع طفيف في الإيرادات في حين حققت الأرباح نمواً بنسبة 22% يعزى إلى انخفاض القيود. وحققت جميع الدول الأخرى نمواً معتدلاً في الإيرادات، أما نمو الأرباح فتراوح ما بين -1% في السعودية إلى 18% في الكويت. تفوّق الاستراتيجيات وأنماط الأعمال والتنفيذ عوامل حاسمة لسد الفجوات متزايدة الاتساع بين بنوك الخليج في هذا الصدد قال الدكتور ليختفوس: “في العام 2015، تمكنت أغلب بنوك الخليج من تحقيق نمو في الإيرادات. وعندما يتعلق الأمر بنمو الأرباح، فإن الاختلاف المتزايد يبدو بشكل ملحوظ جداً: مع أن 11 إلى 17 بنكاً تمكنوا من تحقيق نمو مضاعف، شهد 11 إلى 15 بنكاً معدلات نمو سلبية بالمجمل، أو في فئات العملاء. ويختلف عدد هذه البنوك، في “المجموعة” وفي فئات “الأفراد” و”الشركات”، وذلك بسبب عدم وجود آلية كاملة لوضع التقارير حول الفئات لدى جميع البنوك حتى الآن. أما البنوك التي حققت نمواً بنسبة منفردة الأرقام فقد أصبح عددها أقل إلى حد ما. ويجدر التنويه أنه، وفي العديد من الأسواق، لم تتمكن البنوك الكبرى من تحقيق معدلات النمو الأعلى، بل البنوك التي تليها في المستوى هي من حقق تلك المعدلات من النمو”. وأضاف بقوله: «بحسب تحليل مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب، فمن الواضح أن البنوك التي تمتلك استراتيجيات فائقة وأنماط أعمال قوية يمكنها التنفيذ بشكل حاسم وتحقيق النمو بأعلى معدلاته». وعلى مدى العقد الماضي من الزمن، حققت البنوك البارزة نمواً بمعدل مضاعف أو ثلاثي مقارنة مع البنوك المتوسطة. وفي جميع الحالات تقريباً، اعتمد هذا النمو على استراتيجيات فائقة تم تنفيذها بشكل متّسق. وعن ذلك قال الدكتور ليختفوس:»في السنوات الثلاث أو الخمس المقبلة، نعتبر رقمنة العمليات الهدف الأكثر أهمية والذي يجب على البنوك تحقيقه- وذلك لأن هذه الطريقة ستمكن البنوك المتطورة من الوصول إلى المرحلة المقبلة في مجال تجربة العملاء، إضافة إلى فعالية النفقات». ناهيك عن أن ثقافة الأداء الفائق والتنفيذ الدقيق سيواصلان احتلالهما الأهمية الأكبر بشكل متساوٍ. وهو أمر سيكون مطلوباً نظراً إلى أن مستويات أسعار النفط وحالتها العامة في 2016 ستبقى تحدياً بارزاً على الأرجح.
|