أجرى المركز المالي الكويتي «المركز» بالتعاون مع اتحاد مصارف الكويت عرضًا تعريفيًا بعنوان «التوقعات المستقبلية لإصدارات الديون السيادية في دول مجلس التعاون الخليجي». وقدم العرض رئيس قسم الأبحاث في «المركز» م. ر. راغو، والعضو المنتدب لشركة مارمور مينا إنتليجنس، وهي شركة تابعة ومملوكة «للمركز» تقدم خدمات البحث والتحليل المالي لاقتصادات وأسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأشار راغو أن الاحتياجات التمويلية لدول مجلس التعاون الخليجي على المستوى العام لسنة 2016 تقدر بما مجموعه 151.3 مليار دولار أمريكي، منها 78.1 مليار دولار أمريكي من المتوقع الحصول عليها من الاحتياطيات (52%)، بينما يتم الحصول على 57.7 مليار دولار أمريكي من إصدارات السندات المحلية والعالمية (38%)، ويتم الحصول على النسبة المتبقية (10%) من القروض. وبالإجمال، يقدر المجموع التراكمي لديون حكومات دول مجلس التعاون مجتمعةً على مدى الفترة حتى العام 2020 بما يتراوح بين 285-390 مليار دولار أمريكي من خلال إصدارات سندات محلية وعالمية.
وأضاف راغو أن أسعار النفط المنخفضة قد أدت إلى تغير الأوضاع المالية في دول مجلس التعاون، حيث تحولت الفوائض المالية التي تميزت بها على مدى سنوات إلى عجز ضخم يقدر بحوالي 160 مليار دولار أمريكي في 2015 و2016 على التوالي. وقد تم سد جزء من العجز في العام 2015 بإصدار سندات محلية، بينما تم الحصول على الجزء المتبقي من تصفية الاحتياطيات التي تملكها صناديق الثروات السيادية. وقامت المملكة العربية السعودية لأول مرة منذ 8 سنوات بإصدار سندات دين محلية لجمع حوالي 26 مليار دولار أمريكي من المصارف المحلية واستخدمت حوالي 100 مليار دولار أمريكي من احتياطياتها.

تراجع الإيرادات النفطية
كما أوضح راغو مدى التأثير الواضح لتراجع الإيرادات النفطية على حركة الودائع في المصارف الكويتية، والتي تمثل الودائع الحكومية جزءًا كبيرًا منها. وقد أدى الانخفاض في معدل نمو الودائع ولجوء الحكومات إلى السحب من مدخراتها وطرحها سندات على المصارف المحلية إلى الاستئثار بالسيولة في النظام المالي الإقليمي، كما أدى إلى ارتفاع أسعار فائدة الإقراض بين المصارف.
وعلى الرغم من جودة رؤوس أموال المصارف، غير أنها يمكن أن لا تتمكن من التحول إلى المصدر الوحيد لتمويل الحكومات. وقد أدى ارتفاع حجم ديون الحكومات الخليجية وعدم يقين النظرة المستقبلية لأسعار النفط، والتي يتحدد بناءً عليها مدى قدرة الحكومات على خدمة الدين العام، إلى ارتفاع تكاليف التأمين على الدين الحكومي كما يتبين من اتساع مدى الفرق في عقود مبادلات مخاطر الائتمان.
وقال راغو أنه بينما تملك الإمارات العربية المتحدة والكويت والمملكة العربية السعودية ودولة قطر احتياطيات مالية قوية، فإن الاحتياطيات المالية لكل من البحرين وسلطنة عمان تعتبر رمزية مقارنةً بها.
وقد تم خفض درجة التصنيف الائتماني السيادي لكل من البحرين وسلطنة عمان والمملكة العربية السعودية في الأسابيع الأخيرة. كما أن عدم وضوح السياسات التي تعتمدها بعض دول مجلس التعاون الخليجي في إدارة الدين قد تسبب في تكهنات واسعة فيما يتعلق بكيفية تمويل العجز في الميزانية. وأدت الضبابية إلى طلب المستثمرين في أسواق الدخل الثابت لمدى فرق أكبر في أسعار الفائدة على الإصدارات المتداولة في منطقة دول مجلس التعاون.  
وأشار إلى أن أبحاث مارمور اعتمدت في حساب توقعاتها لإصدارات الديون السيادية على افتراضات تتناول طريقة تمويل العجز سواء من خلال السحب من الاحتياطيات أو الاقتراض. وبينما أعطت قطر وسلطنة عمان مؤشرات واضحة بشأن طريقة سد العجز في ميزانيتهما، غير أن الميزانيتين السعودية والبحرينية لم توضحا هذا الجانب.  

اصدار سندات
وإلى جانب الاعتماد على تقديرات الميزانيات لوضع توقعات إصدارات سندات الدين حتى العام 2020، تم الاعتماد أيضًا على تقديرات صندوق النقد الدولي للعجز المالي. ونظرًا لعدم وضوح حجم الديون التي يمكن أن تحصل عليها حكومات مجلس التعاون، فإنه من المتوقع بناءً على الأرقام التاريخية ودراسات مارمور التحليلية، أن يتم تمويل نسبة تتراوح ما بين 40% و60% من العجز في السنوات من 2017 إلى 2020 من خلال إصدارات سندات جديدة.
كما تشير تحليلات مارمور إلى أن إصدارات السندات الحكومية الجديدة في دول مجلس التعاون يمكن أن تشكل بدايةً لحقبة جديدة في أسواق الدخل الثابت في المنطقة. ومن المتوقع أن يتم تحويل المناخ الصعب الذي فرضته أسعار النفط المنخفضة إلى فرصة لتطوير أسواق الدين المحلية. وعلى هذا الصعيد، من الضروري أن يتم إنشاء هيئة لإدارة الدين العام ووضع إطار رقابي وإشرافي للتواصل بوضوح مع الأسواق. وعلى الرغم من أن إصدارات الدين المحلية تتيح طريقة أسهل وأسرع للحصول على التمويل بمدى فرق أقل لأسعار الفائدة، غير أنها يمكن أن تستأثر بالسيولة المتوفرة في الأسواق وتتنافس مع المقترضين من القطاع الخاص. ومن جهة أخرى، يمكن طرح إصدارات السندات الضخمة في الأسواق العالمية، غير أنها تؤدي إلى زيادة تعرض الدولة لمخاطر ناتجة عن الديون الخارجية.  
وأضاف راغو أن أدوات الدخل الثابت في دول مجلس التعاون الخليجي تمتاز بخصائص أفضل من حيث تناسب المخاطر والعوائد مقارنةً بالأسواق النامية والناشئة. وتشجع درجة الارتباط الأقل بفئات الأصول الأخرى، ومنها الأسهم، المستثمرين على تضمينها في محافظهم الاستثمارية. ويشعر المستثمرون بالارتياح نتيجة ربط جميع العملات بالدولار الأمريكي، حيث إن ذلك يساعد على تفادي مخاطر العملات. غير أن المخاطر الجيوسياسية والضبابية التي تحيط بأسعار النفط يمكن أن تؤثر سلبًا على أداء السندات.