يبدو سحب حافلة ركاب تزن 12 طناً بالقوة الجسدية المجردة فكرة جنونية، لكن الشاب محمد بركة بحاجة الى بضع دقائق فقط لتحضير نفسه لتنفيذ المهمة.
 
ويتمتع محمد بركة (20عاماً) الذي يسكن في مدينة دير البلح الساحلية وسط قطاع غزة، بقوة خارقة ومهارة في الألعاب والحركات الخطرة. واستعرض مهاراته أمام فريق وكالة فرانس برس وتمكن من جر حافلة تتسع لنقل عشرين راكباً بأسنانه، وسط ذهول المارة وأصحاب حافلات نقل الطلبة المتوقفة أمام مبنى جامعة "فلسطين التقنية" في دير البلح.

وبدا سائق الحافلة مندهشاً، وقال "اعتقدت أنه يمزح، هذا جنون وخيال.. ولولا أنني رأيت بأم عيني لما صدقت". الشاب محمد ذو اللحية المشذبة يبلغ طوله 191 سنتميتراً ووزنه 65 كيلوغراماً، وهو طالب في السنة الثانية في قسم "السياحة والفندقة" في الجامعة.

شهرة على مواقع التواصل
وكانت تجربته الناجحة الأولى سحب جرافة تزن 13 طناً بذراعيه. ويقول الشاب محمد الفليت وهو صديق بركة "أبناء غزة لديهم المقدرة والموهبة والإبداع وإن توفرت الإمكانات ننافس على بطولات عالمية".

ويبين صديقه وهو طالب إعلام أنه يتطوع مع زملاء آخرين "لبث أخبار وصور وفيديوهات لأعمال محمد بركة الخارقة على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة فيس بوك ولدينا آلاف المحبين".

الحلم ببطولة عالمية
يحلم بركة بأن يصبح بطلاً عالمياً وأن يتمكن من السفر للخارج للالتحاق بأندية متخصصة بهذه الرياضات لتؤهله للمشاركة في منافسات عالمية. وهو لا يكف عن سحب الحافلات والمركبات الثقيلة هنا وهناك.

ويقول "إذا جاءتني فكرة وإن كانت مجنونة أطبقها فوراً، أنا سعيد جداً لأنني نجحت بسحب الباص الكبير وأدخلت الفرحة على قلوب الاطفال والحاضرين".

إبداع بدون تدريب 
ولم يتلق محمد اية تدريبات لهذه الألعاب الخارقة ولا يتبع نظاماً غذائياً خاصاً، لكنه يقلد ما شاهده في أفلام الحركة وعلى قناة يوتيوب لأبطال عالميين مستلهماً خصوصاً من البريطاني جايسون ستاثام.

بدأ محمد بركة بخوض هذا المجال عندما كان تلميذاً في المرحلة الاعدادية، وقدم عروضاً مدهشة في مدرسته كالقفز وسط دائرة ملتهبة بالنار وجر دراجة نارية باسنانه. ولقي منذ ذلك الحين تشجيعاً كبيراً من والده وأصدقائه.

وأظهر بركة المزيد من هواياته كالمشي على أرض مفروشة بالمسامير ومشتعلة بالنار، وتكسير الطوب على صدره وظهره. وبات متابعوه على موقع فيس بوك يلقبونه بـ "الخارق" و"شمشون غزة"، لكنه يفضل لقب "جايسون غزة".

مناشدة لرعاية الشباب
ويفخر والده، المرشد التربوي كمال بركة (55 عاماً)، به، لكنه يشكو من قلة الامكانات في غزة و"عدم وجود رعاية لهذه الطاقات الشبابية".
ولا توجد اندية او مؤسسات ترعى هذه الرياضات في قطاع غزة. وناشد كمال بركة الرئيس محمود عباس "تبني محمد وضمه لاحد الاندية فى الخارج لتاهيله لمسابقات دولية".

وأردف قائلاً: "محمد يمكن أن يرفع اسم فلسطين عالياً وبإبداعه هذا يسلط الضوء على شباب قطاع غزة الممنوعين من السفر والمحرومين من اي فرصة لصناعة مستقبل أفضل في ظل الإحباط والبطالة".

وتصل نسبة البطالة في القطاع إلى 45% وفق تقارير الأمم المتحدة، في ظل تحذيرات مسؤولين من وقوع كارثة إنسانية.