قال تقرير الشال الاسبوعي الصادر عن التصنيف الإئتماني السيادي – “ستاندرد آند بورز” : ثبتت وكالة “ستاندرد آند بورز” في تقرير 15 يناير الجاري تصنيف الكويت الإئتماني السيادي عند المرتبة (aa-) وهو نفس تصنيف شهر يوليو الفائت، وكانت الوكالة قد خفضت التصنيف من (aa) إلى (aa-) في شهر مارس الفائت، ثم أتبعته في شهر يوليو الفائت بتغيير النظرة المستقبلية من مستقرة إلى سلبية. جاء تثبيت التصنيف ربما لأن الوكالة خفضت تقديراتها لعجز الموازنة العامة من 40% من حجم الناتج المحلي الإجمالي في تقرير شهر يوليو الفائت، إلى 30% للسنة المالية الحالية 2020/2021 في تقريرها الحالي. 
ما تذكره الوكالة حول المستقبل، أهم من تثبيت التصنيف الهابط، فهي لا ترى جهداً يبذل لإطفاء حريق المالية العامة، ولا جهد يبذل لفهم إختلالات الاقتصاد الهيكلية، لذلك من المحتمل خفض آخر للتصنيف خلال الشهور الستة إلى الإثني عشر القادمة. فالإعتماد على النفط المهيمن على كل مفاصل الاقتصاد، فهو يشكل 50% من حجم الناتج المحلي الإجمالي، و90% من حصيلة الصادرات، و90% من إيرادات الموازنة، لابد من مواجهته. تلك الهيمنة صحيحة في أحوال رواج سوق النفط، وهي صحيحة منذ هبطت أسعار النفط بشدة في خريف عام 2014، وهي صحيحة في ظروف جائحة كورونا، بينما كل من دول مجاورة للكويت تحركت في إتجاه تخفيف الإعتماد على النفط. كل ما فعلته الإدارة العامة في الكويت، هو الإنتظار حتى جفت سيولة الإحتياطي العام، وسواء بطريق مباشر أو غير مباشر، بدأت السحب من إحتياطي الأجيال القادمة، سواء ببيع أصول غير سائلة عليه، أو بوقف التحويل المستحق له -10% من إجمالي الإيرادات العامة- أو سحب ما تم التحويل له في سنوات سابقة. أو بإختصار شديد، مشكلة الكويت ليست بشحة مواردها، فهي تملك ما يكفي، وإنما بسوء إدارة تلك الموارد، فالإدارة العامة تتصرف في حدود شراء الوقت على الزمن القصير، تاركة المشكلات الحقيقية تتفاقم حتى تصبح غير قابلة للحل. 
وتذكر الوكالة بأن السماح للحكومة باقتراض 20 مليار دينار كويتي سوف يساعد في سد الحاجة لتمويل عجز الموازنة، ولكن الإستمرار في إنكار وجود مشكلات هيكلية وعدم علاجها، سوف يؤدي إلى ظهور كل المشكلات على السطح مرة أخرى بحلول عام 2024. وتعتقد الوكالة بأن تؤدي بيئة الاقتصاد الكلي الضعيفة إلى الضغط على جودة الأصول بما يؤدي إلى زيادة حجم القروض غير المنتظمة وتكلفة المخاطر إلى ما يقارب الضعف، أو بمعنى آخر، فشل الإدارة العامة في علاج مشكلات الاقتصاد الكلي سوف ينعكس بالسوء على وحدات القطاع الخاص المحلية. 
 وكل ما تقدم لا علاقة لوكالات التصنيف الإئتماني به، وإنما توصيف لحالة الاقتصاد المحلي المريض، ويجب ألا نعطي تقارير وكالات التصنيف الإئتماني أقل أو أكثر مما تستحق، فالمعني بعلاج حالة المريض هو الإدارة العامة للبلد، وإن صلحت الإدارة العامة، سوف تعود تلقائياً التصنيفات الإئتمانية الجيدة للكويت، والشواهد الجديدة لا توحي بصلاح الإدارة العامة. وعودة التصنيفات الإئتمانية العالية قد تكون كارثية بالقرار الخطأ، فالتصنيف الإئتماني يعني المُقرضين أو المتعاملين الأجانب مالياً وتجارياً مع الكويت، وهم المعنيون بتقرير التصنيف، وقد يكون كافياً لعودته للأعلى بيع مؤسسة البترول الكويتية لإحتياطي الأجيال القادمة كما يوحي تقرير الوكالة، وسوف يصبح خطأ جسيم في بعده الاقتصادي، ولاحقاً المالي، إن تبنته الحكومة الكويتية.