الكاتب / سعود عبدالقادر الأحمد

 
القبيلة هي التسلسل الأسري الذي تتعارف به جماعة من الناس تنتمي إلى نسب واحد، وتعتبر القبيلة فئة اجتماعية وجزء رئيسي من مكونات المجتمع الصحراوي والحديث، وتساهم في تنمية الوطن وازدهاره، ولنا الحق أن نفتخر بقبائلنا وأصولها وامتدادها التاريخي، فجميعنا كمواطنين تعود أنسابنا إلى قبائل مختلفة حول العالم، ولابد من التفريق بين علم الأنساب الذي يربط المجتمع الواحد ويعرف الناس ببعضهم بعض والقصد منه التعارف الإيماني، وبين العصبية القبلية، وهي العاطفة والغرور والتعصب الذي يفرق أبناء المجتمع الواحد بدعاوى التفوق العرقي لقبيلة عن أخرى، وأحياناً يستعملها البعض لإساءة هوية الآخرين، فلا ضرر على القبيلة ما لم يتحول مفهومها إلى القبلية والتعصب، ونُذكر بقوله تعالى في كتابه المحكم (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وأنثى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا &<754; إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ &<754; إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير) [سورة الحجرات، آية 13] . 
لقد ساهمت الدولة على مر الزمان في ترسيخ تضامنيات (العائلة- القبيلة-الطائفة) بدلاً من تعزيز مفهوم المواطنة والمجتمع المدني الحديث، وهو ما نلاحظه اليوم من خلال التقسيم الانتخابي، الذي ينبني على اعتبارات خدمية عشائرية بالدرجة الأولى، بما يجعل المجالس النيابية والتمثيلية مجرد ترضيات وتسويات بين الطوائف والعوائل المتنافسة، فأصبح معظم الناس تلجأ للفئات الاجتماعية الأصغر لكي ينالوا حقوقهم، حلت هذه الفئات مكان الدولة ومن خلالهم أصبح المواطن يتوظف ويأخذ حقوقه، كما نص الدستور مفهوم النائب على أن يمثل أمة، لكن ما نراه اليوم في الانتخابات من تسابق وتزاحم الزيارات للمجالس و تسابق “عقل” بالفرعيات المجرمة قانوناً، هي ممارسات ولى عليها الدهر في الدول المتقدمة، ولا تمثل أمة، وهي نتيجة نظام انتخابي مبني على العائلة والقبيلة والطائفة، يلغي مفهوم الدولة وكيانها، وينتفع به النائب وقواعده الإنتخابية فقط. 
يقاس تقدم الدول أو تخلفها بمدى احترامها للقوانين وتطبيقها، وإن أردنا أن نكون دولة متقدمة تحكمها قوانين ودستور، فيجب أن نكف عن المجاملات والمحسوبيات..
 أولاً: أن يكون إختيار القياديين تطبيقاً لمبدأ: الشخص المناسب في المكان المناسب، لأن المساوئ المترتبة على عدم اختيار الشخص المناسب هو فقدان أصحاب الموهبة والكفاءات. 
ثانياً: تطبيق مبدأ الثواب والعقاب، يكافئ الموظف الذي يبذل ويجتهد ويعمل بوفاء و إخلاص، أما الموظف المخل بعمله ومقصر بأداء واجبه، فيجب أن يعاقب ولا يترك دون حساب أو مسائلة. 
ثالثاً: أن يتم تعديل قانون الانتخاب المعيب الذي أحيا الممارسات العرقية التي لا تليق بمكانة الدولة الحديثة، على أن تكون الكويت دائرة واحدة بدلاً من 5 دوائر، ويمتلك الناخب صوت أو صوتين على الأقل، وأن يحل ملف البدون من خلال تجنيس من يستحق، وتوحيد الجنسية الكويتية، والقضاء على كافة أشكال ومظاهر التفرقة وممارسات التمييز العنصري، تطبيقا لمبدأ العدالة والمساواة. 
رابعاً: مسؤولية الناس أن تختار بأمانة مرشحين شرفاء، هدفهم استعادة هيبة الدولة والبرلمان ودورهم الرقابي والتشريعي، الذي سُلب على أيدي نواب الخدمات والمؤامرات، وأن يكون انتخاب المرشحون للمجالس النيابية بناءً على الكفاءة وليس من خلال شراء الذمم وتقديم الخدمات الشخصية، فهذه تعتبر رشوة، والرشوة حرمها الدين الإسلامي. 
 برودكاست: يقول الدكتور فيصل اليحيى: يفترض على القانون أن يتعامل مع الناس على قدم المساواة، وليس بناءً على الخلفيات الاجتماعية والدينية والطبقية والطائفية، والنتيجة على ذلك أن كل المجتمع سوف يصل إلى قناعة ويقول: “أنا لا أستطيع أن آخذ حقي من خلال القانون وإنما من خلال اتكائي على انتمائي الفرعي”، مع الأسف هذه الظاهرة مع الأيام شكلت ثقافة خطيرة أدت إلى ارتفاع الانتماء الفرعي على حساب الانتماء الأصلي الوطني، مما يؤدي إلى انقسام المجتمع، ويصبح كل طرف ينظر إلى طرف الاخر ويقول: “هؤلاء ماخذين حقنا بكل شيء”، وهذا هو الواقع المُر الذي نعيشه اليوم.