على الرغم من ان العنوان الرئيسي للدورة ال46 للمنتدى الاقتصادي العالمي كان (تحديات الثورة الصناعية الرابعة) فإن ضبابية المشهد السياسي والاقتصادي العالمي هيمنت على اعماله بصورة مباشرة.
فمن حيث الشأن الاقتصادي سادت المنتدى مخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي الصيني ما دعا نائب رئيس جمهورية الصين الشعبية لي يوان تشاو لطمأنة المشاركين بأن بلاده لا تزال قوة دافعة هامة في الاقتصاد العالمي. ولم تغب عن قيادات المنتدى صياغة رؤيته في عدد من الملفات التي تهم قيادات الاعمال فأصدر بالتعاون مع المركز الدولي للتجارة والتنمية المستدامة مجموعة كبيرة من الإصلاحات المقترحة لتحسين التجارة الدولية وقوانين الاستثمار والمؤسسات في الدول التي تعاني ضعف اجتذاب الاستثمارات. وقدم المنتدى مجموعة شاملة من التوصيات لمكافحة جرائم الإنترنت من خلال التعاون بين القطاعين العام والخاص بدعم من خبراء في وزارة العدل الأميركية والشرطة الدولية (انتربول) للحد من مخاطر الجرائم الإلكترونية التي يتعرض لها قطاع الأعمال والمجتمع.
وابرز المبادرات التي تم اطلاقها كانت تلك المتعلقة بمواجهة الكوارث والاوبئة بالتعاون مع البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية.
اما الثورة الصناعية الرابعة فكان نصيبها من فعاليات المنتدى حوارات عملية متخصصة حول التقنيات التي تفرض نفسها على المجتمعات وكيفية التعامل معها قبل ان تهيمن على السلوك البشري.
واثارت بعض تقارير المنتدى مخاوف من تأثير تلك الثورة الصناعية على سوق الوظائف بفقدان أكثر من خمسة ملايين وظيفة في 15 دولة على مدى السنوات الخمس المقبلة واغلبها يخص النساء.
ويرى مؤسس المنتدى الاقتصادي ومديره العام بروفسور كلاوس شواب ان المنتدى يعد افضل حلقة وصل بين القطاع الاقتصادي الخاص ممثلا في كبريات الشركات العالمية وبين صناع القرار السياسي من مختلف دول العالم.
وشارك في منتدى هذا العام قرابة 2500 شخصية شهدت أكثر من 300 جلسة في مختلف التخصصات والمواضيع.
ومع مشكلة تدفق الباحثين عن امكانية لجوء او فرصة هجرة في احدى الدول الاوروبية كانت اولى جلسات المنتدى الرسمية بكلمة من الرئيس الالماني يواخيم غاوك الذي حث اوروبا على ان تتمسك بمبادئها الانسانية مستنكرا ان ترفض دول بحث رعاياها سابقا عن فرص لجوء وهجرة منح الحق ذاته لضحايا حروب الشرق الاوسط.
وفي السياق ذاته طالبت ملكة الاردن رانيا العبدالله كبريات الشركات الدولية بفتح مشروعات في دول الجوار السوري يعمل فيها السوريون حصريا وتتمتع منتجاتهم بامتيازات في التسويق ما سيساعد اللاجئين على الاكتفاء الذاتي ويمنحهم نوعا من الثقة في المستقبل لاسيما الاطفال الذين يجب الا يغيبوا عن مقاعد الدراسة.
ولان ازمة اللاجئين مشكلة ايضا للمنظمات الانسانية الدولية فقد اقترح المدير العام للجنة الدولية للصليب الاحمر طرح سندات انسانية يضمن حاملها انها ستذهب مباشرة لتمويل العمليات الانسانية في العالم. ويقود الحديث عن اللاجئين والمهاجرين تلقائيا الى الازمة السورية التي اتفق جميع الساسة على ان حلها سياسي ولكن وفق معايير رآها رئيس الوزراء التركي احمد داوود اوغلوا تتحقق وفق مقررات الامم المتحدة ومسار فيينا ووفد المعارضة الذي توافق عليه الجميع في العاصمة السعودية الرياض.
وفي الوقت ذاته اشار رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام الى ان توتر الشرق الاوسط وانتشار الارهاب والتطرف يعود الى اهمال التيارات المتوسطة وعدم وجود رؤية واضحة المعالم للشباب تضمن لهم مستقبلا آمنا.
كما اشاد نظيره العراقي حيدر العبادي بمساعدة الكويت لبلاده بمئتي مليون دولار لمواجهة الازمة مشيرا الى ان بغداد سوف تدحر ما يسمى بتنظيم الدولة الاسلامية (داعش) مع حلول هذا العام.
واتفق وزير الدفاع الاميركي آشتون كارتر مع هذا الرأي مشيرا الى ان امن دول مجلس التعاون على رأس اولويات اهتماماته الامنية معبرا عن قلقه من تنامي التأثير الايراني في المنطقة.
في المقابل طمأن وزير الخارجية الاميركي المنتدى بأن ايران بتوقيعها على الاتفاق النووي قد ابتعدت عن برنامج تسلحي نووي وان واشنطن يقظة تماما لأية محاولات لظهور توجهات عكس ذلك. ولم تغب افريقيا عن المنتدى حيث ناقش القادة الأفارقة فرص شراكات استراتيجية جديدة لدفع نمو الاستثمارات في أفريقيا.
وتدخل بابا الفاتيكان فرانسيس في المنتدى برسالة تلاها رئيس المجلس البابوي للعدالة والسلام حث فيها قادة الأعمال على عدم نسيان الفقراء وان يكون استحداث فرص عمل جزءا أساسيا من خدمتهم لتحقيق الصالح العام جنبا إلى جنب مع تحسين العالم بأسره.
وحاول مؤسس المنتدى ومديره العام كلاوس شواب اعادة دور المنتدى كوسيط سياسي في الازمات فجمع بين طرفي الازمة القبرصية رئيس قبرص وزعيم القبارصة اليونانيين نيكوس اناستاسيادس والزعيم القبرصي التركي مصطفى آكينيتش محاولا تقريب وجهات النظر بينهما لايجاد تسوية سلمية لتوحيد الجزيرة القبرصية خلال هذا العام.
كما نجح المنتدى في اعادة اليونان الى الفعاليات للمرة الاولى منذ عام 2011 وجمع رئيس الوزراء الكسيس تسيبراس جنبا إلى جنب مع وزير المالية الالماني فولفغانغ شويبله في جلسة عامة حول مستقبل أوروبا رغم مفاهيمهما المختلفة لحل ازمات اليونان المالية المتفاقمة.
ومع تصاعد المخاوف حول الاستفتاء المزمع على عضويتها في الاتحاد الأوروبي أكد رئيس وزراء المملكة المتحدة ديفيد كاميرون عزمه تأمين مستقبل بلاده في الاتحاد الأوروبي من خلال إصلاحه لتحقيق «أفضل نتيجة لبريطانيا من ناحية وأفضل نتيجة لأوروبا ايضا».