وقال خبراء ومصادر في الخليج إن الولايات المتحدة وحلفاءها قد يضطرون لتخصيص وحدات مرافقة أمنية لحماية السفن التجارية، للحيلولة دون وقوع مزيد من الهجمات في ممرات شحن النفط بالخليج.

لكن حتى إذا تم تسيير مثل هذه الحراسات فإن استخدام القدرات البحرية والجوية التقليدية لدول الخليج والدول الغربية -التي تتولى حفظ الأمن في المياه التجارية الحيوية- قد يكون محدودا أمام تكتيكات الحرب في العمليات الأخيرة، ومنها الألغام البحرية.

وأصيبت ست ناقلات نفط خلال الأيام الثلاثين الماضية في هجومين قرب مضيق هرمز الذي يمر عبره نحو خمس شحنات النفط العالمية، واتهمت واشنطن والرياض إيران بالتورط في الواقعتين، وهو ما تنفيه طهران.

وقال أحد المسؤولين الأميركيين لرويترز "لا نعتقد أن هذا قد انتهى"، في إشارة إلى احتمال وقوع المزيد من الهجمات.

خيارات محدودة

وذكرت ثلاثة مصادر في الخليج أنه توجد خيارات محدودة، منها طرح تدريجي لنظام المرافقة الأمنية الذي استخدم في "حرب الناقلات" إبان الحرب الإيرانية العراقية خلال الثمانينيات من القرن الماضي ولاحقا في هجمات القراصنة الصوماليين، وتطبيق قواعد اشتباك جديدة، والقيام بعمليات لإزالة الألغام.

وقال أحد المصادر الخليجية "إن الأميركيين وغيرهم يتحدثون عن الحاجة لتعزيز الأمن داخل مسارات الشحن وحولها وحماية السفن التجارية كخطوة أولى، والقدرة على إطلاق النار على زوارق سريعة معادية حال اقترابها من مثل هذه السفن وفقا لقواعد اشتباك جديدة".

وأضاف "قد ترى قوى أخرى إرسال سفن حربية في النهاية، إنها عملية بطيئة الآن في ظل تحسس الخطى داخل الأمم المتحدة ولبناء تحالف".

وقال مصدر آخر إن إرسال واشنطن وحلفائها قوافل بحرية لمرافقة الناقلات سيحتاج دراسة للوقوف على جدوى ذلك في ظل حركة النقل المزدحمة في الممر المائي الضيق. وتهدد هذه الخطوة أيضا بتفاقم التوتر.

ويسجل عرض مضيق هرمز 33 كيلومترا في أضيق نقطة، ويبلغ عرض الممر الملاحي نحو ثلاثة كيلومترات فقط في كلا الاتجاهين.

وشبه الرئيس التنفيذي لمجموعة أكسفورد للأبحاث ريتشارد ريف تفادي هذا النوع من الهجمات في البحر بتفادي الهجمات بعبوات ناسفة بدائية أو الهجمات الانتحارية على العسكريين في البر.

وقال مدير إدارة الأمن والأزمات في رابطة ملاك السفن النرويجية جون هامر سمارك "يصعب جدا على السفن التصدي للتهديد الماثل أمامها في هذه المنطقة".

 

وأضاف سمارك لرويترز "ينبغي على المجتمع الدولي التحرك وفقا للإجراءات المتاحة لديه، خاصة الهيئات الحكومية، وإذا ازداد هذا الأمر سوءا فإن الملاحة أو جزءا منها على الأقل ستتوقف".

 

 الدبلوماسية عالية المخاطر

قالت السعودية أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم إنها عززت استعدادها لمواجهة أي تهديدات.

ويقول بعض الدبلوماسيين إن جانبا كبيرا في القضية يعتمد على كيفية تعامل الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع إيران بعد قراره العام الماضي الانسحاب من الاتفاق النووي الدولي مع إيران المبرم عام 2015، وإعادة فرض العقوبات الأميركية على طهران، وزيادة الوجود العسكري الأميركي في الخليج ردا على مؤشرات عن تهديدات إيرانية.

كما اتهم مسؤولون أميركيون وسعوديون طهران بالهجوم الذي وقع يوم 12 مايو/أيار الماضي على أربع ناقلات -منها اثنتان سعوديتان- قبالة سواحل الإمارات التي قدمت أدلة لمجلس الأمن الدولي بهذا الشأن، واتهمت طهران الحلفاء الثلاثة بـ"التحريض على الحرب".

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن العالم لن يتحمل "مواجهة كبيرة في منطقة الخليج". ودعت الصين والاتحاد الأوروبي وغيرهما كل الأطراف المعنية إلى ضبط النفس.

وقال الرئيس التنفيذي لمؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري رياض قهوجي إنه إما أن يتمكن المجتمع الدولي من دفع واشنطن لتخفيف نهجها تجاه إيران أو أن الهجمات المتواصلة ستشجع على ممارسة ضغط عالمي على الجمهورية الإسلامية.

وأضاف قهوجي "إذا اندلعت حرب فستكون بين المجتمع الدولي وإيران، لا يريد أي طرف أن ينزلق بمفرده إلى حرب مع إيران".

وأوضح أن العبء سيقع على عاتق القوى الغربية -ولا سيما الولايات المتحدة ولكن أيضا فرنسا وبريطانيا- لحماية مياه المنطقة.

وقال "لن أندهش إذا أرسل الصينيون واليابانيون سفنا لمرافقة الناقلات والسفن التي ترفع أعلامهم على الأقل"، في إشارة إلى اعتمادهم على نفط الخليج.

ويشبه الموقف الراهن ما حدث خلال حرب الناقلات التي نشبت عام 1984 خلال الحرب بين العراق وإيران والتي استمرت ثماني سنوات، ونفذ الجانبان آنذاك هجمات على ناقلات وسفن تجارية في الخليج، في تصعيد هدد إمدادات النفط العالمية وتسبب في تدويل الصراع.

وقدرت لويدز لندن -وهي شركة للتأمين- أن تلك الحرب أسفرت عن إلحاق أضرار بنحو 546 سفينة تجارية وقتل ما يصل إلى 430 بحارا مدنيا.

ولتأمين المرور قدمت الولايات المتحدة حماية عسكرية بمرافقة قطعها البحرية للناقلات التي كان بعضها يرفع العلم الأميركي، كما وافق الاتحاد السوفياتي على استئجار ناقلات.

وقال المصدر الثاني من منطقة الخليج "ما يحدث الآن أمر مختلف، هذا ليس صراعا مفتوحا، كيف نحمي الممرات المائية ولأي مدة من الزمن هو سؤال مهم، لا نريد حربا