اعتمد مجلس الأمن الدولي بالإجماع أمس مشروع قرار كويتي حول الأشخاص المفقودين في النزاعات المسلحة يهدف إلى دعم وتعزيز سبل حماية المدنيين في النزاعات المسلحة.
جاء ذلك خلال جلسة لمجلس الأمن ترأسها الشيخ صباح الخالد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي.
ويعتبر القرار هو الوحيد الذي قدمته الكويت بشكل منفرد حيث يعكس مواصلة الكويت خلال عضويتها في مجلس الأمن تسليط الضوء على القضايا الانسانية وأن تقديم الكويت لهذا القرار نابع من تجربتها المريرة إبان الغزو العراقي على الكويت عام 1990 وما تسبب به من وجود ماساة الأسرى والمفقودين.
ورأت الكويت أن هذا القرار سيشكل لبنة أساسية في كيفية التعاطي مع موضوع المفقودين في النزاعات المسلحة علما بانه سيكون اول قرار حول المفقودين والنزاعات المسلحة في مجلس الأمن.
ووفق ما جاء في مشروع القرار الذي حمل رقم (2474/2019) فإن مجلس الأمن يؤكد من جديد إدانته الشديدة للاستهداف المتعمد للمدنيين أو غيرهم من الأشخاص المشمولين بالحماية في حالات النزاعات المسلحة ويهيب بجميع أطراف النزاعات المسلحة وضع حد لهذه الممارسات وفقا لالتزاماتهم بموجب القانون الدولي الإنساني.
ويهيب القرار بأطراف النزاعات المسلحة اتخاذ جميع التدابير المناسبة للبحث بنشاط عن الأشخاص المبلغ عن فقدهم والتمكين من إعادة رفاتهم ومعرفة مصير الأشخاص المبلغ عن فقدهم دون تمييز سلبي وإنشاء قنوات مناسبة تتيح الاستجابة والتواصل مع الأسر في عملية البحث والنظر في توفير معلومات بشأن الخدمات المتاحة فيما يتعلق بالصعوبات والاحتياجات الإدارية والقانونية والاقتصادية والنفسية الاجتماعية التي قد يواجهونها نتيجة لفقد أحد الأقارب بوسائل منها التفاعل مع المنظمات والمؤسسات الوطنية والدولية المختصة.
ويدعو القرار أطراف النزاعات المسلحة الى أن يتخذوا وفقا لالتزاماتهم الدولية التدابير المناسبة لمنع فقد الأشخاص نتيجة للنزاعات المسلحة من خلال تيسير لم شمل الأسر المشتتة نتيجة النزاعات المسلحة والسماح بتبادل الأخبار العائلية.
وطالب القرار أطراف النزاعات المسلحة بإيلاء عناية قصوى لحالات الأطفال المبلغ عن فقدهم نتيجة للنزاعات المسلحة واتخاذ التدابير المناسبة للبحث عن هؤلاء الأطفال والتعرف عليهم.
ويهيب بأطراف النزاعات المسلحة القيام وفقا لالتزاماتهم الدولية بتسجيل وإبلاغ التفاصيل الشخصية للأشخاص المحرومين من حريتهم المنتمين إلى الطرف المعادي بمن فيهم أسرى الحرب نتيجة للنزاعات المسلحة والسماح لهم بالتراسل مع أسرهم.
كما يدعو الدول في حالات الأشخاص المفقودين نتيجة للنزاعات المسلحة الى اتخاذ تدابير حسب الاقتضاء لضمان إجراء تحقيقات وافية وعاجلة ونزيهة وفعالة في الجرائم المرتبطة بالأشخاص المفقودين نتيجة للنزاعات المسلحة وملاحقة مرتكبيها قضائيا وفقا للقانون الوطني والدولي بهدف تحقيق المساءلة الكاملة.
ويحث القرار أطراف النزاعات المسلحة على جمع وحماية وإدارة كل ما له صلة من البيانات والمستندات المتعلقة بالأشخاص المفقودين نتيجة النزاعات المسلحة مع احترام الخصوصية وبما يتماشى مع أحكام القانون الوطني والدولي الواجبة التطبيق.
كما يحث أطراف النزاعات المسلحة على البحث عن قتلى النزاعات المسلحة والتقاط جثثهم وتحديد هويتهم بطرق منها تسجيل جميع المعلومات المتاحة وتحديد أماكن مواقع الدفن وعلى احترام رفات الموتى بإجراءات من بينها احترام قبورهم وصيانتها بشكل صحيح وعلى إعادة رفات الموتى كلما أمكن ذلك إلى أقاربهم بما يتسق مع التزاماتهم بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وفيما يتعلق بحماية البيانات الشخصية حث القرار على الامتناع عن النقل المتعمد لرفات الموتى من المقابر الجماعية وتجنب القيام بأعمال الحفر واستخراج الجثث على يد أشخاص غير مدربين مما ينتج عنه إلحاق أضرار بالرفات أو تدميره وعلى ضمان أن يجري في أي عملية لاستخراج الجثث أو انتشالها جمع البيانات التي قد تؤدي إلى التعرف على الشخص المتوفى وتسجيلها بالصورة المناسبة.
كما يدعو أطراف النزاعات المسلحة الى القيام عند نشوب صراعٍ ما بإنشاء مكاتب وطنية للمعلومات أو غيرها من الآليات لتبادل المعلومات بشأن المحتجزين والمدنيين الذين ينتمون إلى طرف معاد ونقل هذه المعلومات إلى ذلك الطرف بدعم من الوكالة المركزية للبحث عن المفقودين حسب الاقتضاء وبدء تحقيقات بشأن هؤلاء الأشخاص.
ويجدد القرار تأكيد دعم الجهود التي تبذلها اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السعي للوصول إلى معلومات عن الأشخاص المبلغ عن فقدهم داعيا جميع أطراف النزاعات المسلحة إلى الامتثال لالتزاماتهم فيما يتعلق بالوصول إلى تلك المعلومات وإلى التعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر ووكالتها المركزية للبحث عن المفقودين في معالجة مسألة الأشخاص المفقودين بما يتسق مع التزاماتهم الواجبة التطبيق بمقتضى القانون الدولي الإنساني.
ويشدد القرار على أهمية تعزيز دور وقدرات الآليات الوطنية والإقليمية والدولية القائمة التي تساعد في معالجة مسألة الأشخاص المفقودين نتيجة للنزاعات المسلحة في تقديم المشورة والدعم إلى الدول الأعضاء وغيرها من المنظمات والآليات الوطنية والدولية والإقليمية في هذا المجال لتوفير التدريب والتبادل فيما بينها حسب الاقتضاء بشأن سجلات كل منها لحالات الأشخاص المفقودين وإطلاع بعضها بعضا على أفضل الممارسات بالتعاون الوثيق مع جميع المنظمات المعنية.
ويحث جميع أطراف النزاعات المسلحة على السماح بوصول آمن ودون عوائق للعاملين في المجال الإنساني بمن فيهم المشاركون في البحث عن المفقودين أو رفاتهم والتعرف عليهم في أقرب وقت تسمح به الظروف.
ويهيب بجميع الدول الأعضاء المشاركة في إقامة الشبكات وتبادل الخبرات وأفضل الممارسات والتوصيات التقنية وغير ذلك من وسائل التعاون والتنسيق مع مؤسسات الدولة وحسب الاقتضاء مع اللجان الوطنية المعنية بالأشخاص المفقودين والمنظمات والآليات الإقليمية والدولية المختصة.
ويؤكد القرار أن معرفة مصير الأشخاص المفقودين نتيجة للنزاعات المسلحة يمكن أن تكون عنصرا من عناصر تصميم وتنفيذ مفاوضات واتفاقات السلام وعمليات بناء السلام وذلك فيما يتعلق بآليات العدالة وسيادة القانون وغيرها.
كما يهيب بجميع أطراف النزاعات المسلحة عند التفاوض على اتفاقات السلام وتنفيذها إدراج أحكام لتيسير البحث عن الأشخاص المفقودين واتخاذ جميع الخطوات الضرورية لحماية الضحايا والشهود الذين يدلون بشهاداتهم عن الأشخاص المفقودين من أجل وضع حد للافلات من العقاب.
ويؤكد أن الخطوات الواردة في هذا القرار يمكن أن تسهم في عملية بناء الثقة بين أطراف النزاعات المسلحة وفي تسريع مفاوضات السلام والتسوية وعمليات العدالة الانتقالية والمصالحة وبناء السلام والحفاظ عليه.
ويشجع القرار الدول الأعضاء على زيادة مساعدتها المالية والتدريبية التقنية واللوجستية الطوعية المقدمة إلى الدول بناء على طلبها دعما لعمليات استخراج الجثث المتصلة بالبحث عن الأشخاص المفقودين نتيجة للنزاعات المسلحة والتعرف على تلك الجثث وخاصة للنهوض بالجهود المبذولة في مجال علوم ومنهجيات الطب الشرعي لاستخراج جثث أو رفات الموتى والتعرف عليها والتعامل معها بطريقة تحترم كرامة الإنسان.
كما يشجع القرار المعنيين من الممثلين والمبعوثين والمنسقين والمستشارين الخاصين للأمين العام للأمم المتحدة على مراعاة مسألة الأشخاص المفقودين نتيجة للنزاعات المسلحة أثناء تنفيذ كل منهم لولايته.
ويطلب القرار من الأمين العام للامم المتحدة أن يدرج في التقارير المتعلقة بحماية المدنيين كبند فرعي بشان مسألة الأشخاص المفقودين نتيجة للنزاعات المسلحة بما يشمل التدابير التي اتخذتها أطراف النزاعات المسلحة تنفيذا لأحكام هذا القرار وأن يطلع مجلس الأمن كل 12 شهرا على تنفيذ القرار ضمن الإحاطة السنوية بشأن حماية المدنيين.